الأحد، 18 يوليو 2010

كبرياء

‫هدوء تام، صمت مطبق يدعو للقلق، ينظر تجاهها بعناية تامة، يتفحص ملامحها بحذر، يقترب جدا ثم يبتعد كثيرا لكنه لا يدير لها ظهره وكأنه متأكد من أنها ستغرس فيه خنجرها المسموم، يتراجع القهقرى ثم يدور حول نفسه في توهان، يفتح فاه للكلام ثم يعيد جاهدا كلماته داخلا محاولا كبتها بكل ما أوتي من عزيمة، يقترب ثانية منها ويرجع كالملسوع بعقارب الألم حين يتذكر ما مضى وكيف غرست خنجرها داخل قلبه، حينها لم تنتظر أن يدير ظهره لتفعل ذلك فقد فعلتها على مرأى من الكل، حينها وقف جامدا في مكانه وكأن يداه كبلتا بالحديد وكأن عيناه غشاهما الظلام، وكأن حواسه خانته خيانتها له، خانه لسانه في الوقت الذي احتاج فيه للكلام كما خانته حال احتياجه لها، حاول عقله تقبل الموقف لكن كل شئ كان غريبا ومبهما... حاول أن يستفسر عن ما حذث لكن خمدت في داخله نار الكلمات، فقد كانت هي الكلمات،كانت هي الحبر والورق، كانت هي الليل بما فيه من نجوم، كانت هي الإلهام والفكر... كانت كل شئ فرحلت وتركت اللاشئ.
إستجمع قواه وقال لها في هدوء: روعة حياتي لا تقتصر على وجودك فيها
فها انا احيا بدونك بالرغم من انني لم اتصور ... في يوم اني ساقدر على هذا.
اذكر يوم توسلت اليك بأن تبقي، ساعتها وضعت على وجهك برقع الخدلان والنكران ونسيت كل شئ، وأبيت إلا أن أكون الذليل المهان الذي يجتو على ركبتيه سائلا بقائك.
ما لا تعرفينه هو أنني استفقت من حبك الذي كنت غارقا فيه حتى الثمالة ورميت الخضوع جانبا، واحتسيت الكرامة من كأس الهوان، إنصرفي الآن فلم يعد في قلبي لك ذرة حب ولا قطرة احترام، لم أعد أخشى ابتعادك عني ولا حتى نسيانك لي.
قال هذه الكلمات وحبها يملأ عينيه ويقهر ذاته لكن كبرياءه أقوى من أن يستسلم أمامها من جديد، هاهي تقف أمامه منكسرة النظرات، خاظعة.
شخص ببصره إلى الأرض متفاديا النظر إلى مقلتيها اللتان تتوسلان إليه وتستعطفانه بكل انكسار.
وقفت طويلا أمامه وبعد أن يئست عدوله عن كلامه... إنسحبت... رفع عينيه تجاهها وفتح فمه محاولا مناداتها لكن شيئا ما بذاخله صاح وأوقف رغبته في الكلام.
خرجت وأقفلت الباب وراءها، جثى على ركبتيه كالصريع، فبكى وصرخ و تحول بكاؤه إلى أنين ولكن كان بداخله صوت يقول له لن يقتلك فراقها، ستنساها وسوف تحيى من جديد.‬

هناك 15 تعليقًا:

  1. ya salam ra2i3 walahi l3azim

    ردحذف
  2. يسرى يا يسرى
    متألقة كعادتك دائما ^^

    ردحذف
  3. يا سلام بما تتحفيننا اياه
    هناك رسالتين في التدوينة اكتشفهما يا قارئ ^^
    سلام

    ردحذف
  4. لقد وضفت المعنى ببراعة
    المسكين لبس قناعا غير قناعه، ولكنه يتألم بداخله
    على العموم الأيام كفيلة بأن تنسيه، فهي بلسم لمثل هذه الحالة.

    ردحذف
  5. استدراك
    ---------


    لقد وظفتِ(بدل وضفت)

    ردحذف
  6. صراحة، بعد ما خطته أناملك، تعجز الأصابع عن كتابة إعجابي بهذا العمل الراقي..

    كنت هنا..وسأبقى..

    ردحذف
  7. فؤاد، ماهو إلا القليل ممن تألقك.
    هيبو، شكرا للتوضيح.
    أبو حسام الدين، البراعة لك.
    خالد أبجيك، ما تخطه أناملك أرقى.
    أضاء نور مدونتي بمروركم، لكم أعمق التحايا

    ردحذف
  8. مرحبا يسرى

    دمت ودام قلمك الممتع

    ردحذف
  9. مرحبا يسرى

    دمت ودام قلمك الممتع

    ردحذف
  10. شكرا لك
    دامت إطلالتك

    ردحذف
  11. هلا اختي و اسف على الغياب
    سررت بقراءة ما خططته و أُعجبت به كثيرا
    تقبلي إطلالتي
    لي عودة

    ردحذف
  12. انا عشت الموقف ده من يومين اهنيكي على وصف المشاعر ادعو لي انسى

    ردحذف
  13. رائعة .. و كفى
    قمة التحدي أن يتبنى قلم نسوي تصوير مشاعر رجل و العكس ..
    ثاني قصة أقرأها لك، و أول استنتاج أنك بارعة في رسم الغموض بين السطور، تنجحين في إثارة انتباه القارئ، و هذا من أهم مقومات القلم الناجح

    راقتني القصة، و أكثر ما أعجبني هاته العبارة "حاول أن يستفسر عن ما حذث لكن خمدت في داخله نار الكلمات، فقد كانت هي الكلمات،كانت هي الحبر والورق، كانت هي الليل بما فيه من نجوم، كانت هي الإلهام والفكر... كانت كل شئ فرحلت وتركت اللاشئ."

    بوركت أختي الكريمة، قلمك رائع

    ردحذف