الأربعاء، 9 فبراير 2011

الخرافات وتأثيرها

ـ السلام عليكم.
ـ و عليكم السلام، عمن تسأل؟
ـ عن الأستاذ عبدو.
ـ سينهي اجتماعه بعد قليل، بإمكانك انتظاره، تفضل بالجلوس.
ـ شكرا سيدتي.
بعد حوار ليس بالطويل تمكنت عائشة من جر لسانه وجعله ببساطة يبوح بطبيعة عمله.
ـ أنا " فقيه " أجلب الزبائن، أبرئ العاقر والعقيم، أزوج العانس...
عائشة عاملة النظافة بالمؤسسة التي أعمل بها، أمية، عانس وقد قاربت على تجاوز الأربعين من عمرها، ينحصر همها في العثور على زوج، لا يهم من هو؟ المهم أن يكون رجلا فهي تؤمن بالمثل المصري: " ظل راجل ولا ظل حيطة "
غرقت في تفكير عميق إلى أن استفاقت على صوته من جديد!
ـ عموما، هاهو رقمي ، إتصلي بي إذا احتجتني سأكون في الخدمة.
دخل عند عبدو نائب المدير وإبنه البكر، بعد دقائق معدودة خرج من مكتبه مسرعا تاركا ضيفه بالداخل وأحظر أربع قنينات ماء وأقفلا الباب عليهما.
الأمر واضح جدا...
لطالما سمعت مثل هذا الكلام لكنني لم أكن أصدق، فمديرنا إنسان واع، مثقف، كرس حياته للعلم وابنه لا يقل عنه وعيا ولا علما... الآن علمت مأتى تلك الرائحة التي تزكم الأنوف وتحبس الأنفس في كل حفل تقيمه المؤسسة، كان يوضع البخور في المبخرة، لم يكن بخورا فحسب، بل كان ممزوجا بشيء ذي رائحة قادرة على أن تعلق بالأنوف لمدة أسبوع كامل، ولن أنسى ماذا وجدت حين فتحت الباب المؤدي للسلالم الخلفية والذي غالبا ما لا يفتح، وجدت " مجمرا " موضوعا هناك وحين حكيت لزميلتي ما حصل، ردت علي ببرود : " هذا أمر تعودنا عليه، كما أنه من حقه القيام بذلك، فالحي مليء بالمؤسسات وهو يفعل هذا لجلب الزبائن... !!! "
تذكرت حينها المثل المغربي " الحوانت مصافة والرزق على الله "، أليس الله من يرزق؟ أليس هو الرزاق الكريم؟
ثم ما الحق الذي تتحدث عنه زميلتي؟ أي حق يخول له الخوض في هذه الخرافات التي بدل أن تجلب له الزبائن، ستجلب له اللعنات والويلات...

جارتنا " الحاجة حليمة "، تأبى إلا أن تنعشنا كل أسبوع برائحة "الخزامة" التي تبخرنا بها وبيتها، في البداية لم تكن لدينا أية فكرة عن تلك الرائحة الكريهة التي تخنقني شخصيا، حين أرادت أمي الاستفسار ردت عليها أن ما تحرقه وتبخر به بيتها وأولادها ما هو إلا "خزامة" تستعملها لدرء عين الحسد عن أولادها " من حقي أن أحمي أولادي "
أرى أن الناس أطاحوا بكلمة " الحق " التي أصبحوا يتغنون بها ويؤلفون حقوقا من فراغ، لا أعلم أي حق يقصدون، لابد وأنه الحق في الجهل! فالجهل بات حقا من الحقوق التي يجب علينا التمتع بها بالإضافة إلى الحقوق اليتيمة التي نتمتع بها!

مؤخرا، دخلت عند مصففة الشعر التي أعرفها تمام المعرفة، وأنا جالسة أنتظر دوري سمعت حوارا جعلني أحمل حقيبتي وأعود أدراجي:
ـ تبارك الله، اليوم لم نتوقف عن العمل، لم نجد حتى وقتا للاستراحة.
ـ سبحان الله، هههه لابد وأنكم سحرتم المكان لتتروج تجارتكم إلى هذه الدرجة.
ـ لا، باعد الله بيننا وبين السحر، قمت فقط بحك القليل من الثوم عند عتبة الباب وها هو قد قام بمفعوله!
" ماماتش غيـــــــــــر خرجوا مصارنو "

كل ما قمت بسرده ما هو إلا جزء بسيط من الإيمان بالخرافات الذي صادفت مؤخرا ناهيك عن ما نراه منذ زمن " الخميسة" و" العين " وصفيحة الحصان وغيرها كثير من الأشياء التي تعلق في الأعناق وفي مداخل البيوت.
شوي السردين وذبح ديك أو رش الحليب في جنبات البيت الجديد...
كلمة " خمسة وخميس " التي تقال لدرء العين والحسد، وكلمة " شكيكو" التي تقال مخافة انتقال العدوى من الشاكي!!!

يا أيها المثقف، صاحب الشركات... لك كل الحق في الحفاظ على أموالك وجلب الزبائن لكن بعيدا عن كل خرافة وشعوذة، هناك ما هو أسهل وأضمن وتربح معه كهدية مجانية حسنات لا تحصى أبدا، فليكن عملك متقنا، كاملا، فليكن تعاملك لائقا مع الناس يليق بمستواك، لن تبور تجارتك إذا توكلت على الله وآمنت بأن الله هو المستعان " وإذا استعنت فاستعن بالله "

أيتها الخائفة على أولادك واستقرارك من حسد الحاسد وسحر الساحر، تكفيك قراءة سورة " الفلق" هي وحدها ستكفيك كل شر وتبعد عنك وعن أولادك كل خطر.

أيها المعلقون للتمائم والمستعينين بها والمعلقة قلوبكم بها لتخلصكم من الشرور، هل قطعة تعلقها في عنقك أو ورقة تضعها في حقيبتك كفيلة بتصريف الشر؟؟؟
ألا تعلم أنه " من صلى الصبح فهو في ذمة الله "؟

يكفي أن نعرف أنه " من آمن بالخرافات والشعوذة لا تقبل منه صلاة أربعين ليلة "

وأخيــــــــرا أسأل الله لي ولكم الهداية والله يهدي ما خلق.

هناك 7 تعليقات:

  1. الله يستر من دوك الناس وصافي ... انا بعدا مانقدرش عليهوم

    اجلس بعيدا عنهم

    والله يهدي ما خلق وصافي هادشي اللي نقدر نقول

    ردحذف
  2. من علق تميمة فلا أتم الله عليه

    سلامي لك

    ردحذف
  3. لا حول ولا قوة إلا بالله مشحال هادي متلقيت بهادو
    الله يبعد بلانا من بلاهوم و الله يهيديهوم

    ردحذف
  4. الحافظ والحفيظ والمعين والذي يكشف الضر هو الله
    عجبا لمثقفين يملؤون الدنيا صخبا وترى منهم عجبا
    سيارات فارهة وصفائح لدواب نافقة
    تحيتي ومودتي

    ردحذف
  5. لا حول ولا قوة إلا بالله، ما أغبى بني الإنسان، يتطاولون على ملك الله

    الله يهدينا

    ردحذف
  6. فعلا ليتنا نتعظ بديننا الحنيف وليتنا ندرك انه لا يصيبنا الا ما كتبه الله لنا
    فعلا موضوع مهم ويحتاج لوقفة
    بوركت يسرى

    ردحذف
  7. سلام
    كل ماساقوله هو اقتباس اخر ماجاء في نصك
    نأسأل الله الهداية للجميع والله يهدي ما خلق

    ردحذف